عدد المساهمات : 74 نقاط : 165 تاريخ التسجيل : 08/10/2010 العمر : 31 الموقع : skikda
موضوع: اسم الله الولي الأحد أغسطس 07, 2011 3:27 am
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
برنامج باسمك نحيا
اسم الله الولي سبحانه وتعالى
تابعوا الحلقة
ماورد في الحلقة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قبل أن اتحدث عن اسم اليوم أريدك أن تتخيل معي هذه الصورة، جندي يقف في معركة، وقائد الجيش يتفقد مئات الآلاف من الجنود، وهذا الجندي يتمنى أن يختاره القائد ليكون من المقربين، فيعرض نفسه، أنا.. اختارني أنا، هذا مثل –ولله المثل الأعلى- أردت أن أحفزك لتعرض نفسك وتتمنى أن تكون من المختارين، ونحن مقبلين على ليلة القدر، ليلة اصطفاء، سيختار الله من سيعتق، فأعرض نفسك بأفضل ما عندك. اسم اليوم، هو اسم الله الولي، وهو اسم لأصحاب الطموح والهمم الذين يريدون أن يرتقوا عند الله منازل في الدنيا والأخرة، ولمن يريد أن يغتنم فرصة رمضان، هذا الأسم سيساعدك لتبذل الكثير في العشر الأواخر القادمون.
هناك عدة أسئلة وهي المحاور الأساسية:
- السؤال الأول: ما معنى اسم الله الولي؟
- السؤال الثاني: كيف يرغبك الله سبحانه وتعالى أن يكون وليك؟
- السؤال الثالث: نماذج من تولاهم الله.
- السؤال الرابع: ما هو مفهوم الكرامة؟ وما الفرق بين المعجزة والكرامة؟
-السؤال الخامس: كيف أعرض نفسي على الله لأكون وليا؟
- السؤال السادس: كيف نحيا باسم الله الولي؟
- النقطة الأولى: ما معنى كلمة ولي؟
نسمع كثيراً هذه الآية " اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ..." (البقرة:257) ولكن هل شعرت بها؟ سوف أضرب لك مثلين يجعلوك تشعر بها وتشعر بقيمة معنى أن يكون الله وليك:
1- أتذكر وأنت طفل في المدرسة؟ أتذكر عندما طلبوا منك إحضار ولي أمرك؟ أنت لم تخف لأن ولي أمرك مُشرف، ولكن من أكثر شخص ينكسر قلبه عندما يُطلب ز منه هذا الطلب؟ من ليس له ولي، مسكين من ليس له ولي.
2- أثناء عقد القران، يجب أن يكون هناك ولي للعروس، العروس التي ليس لها ولي ز تتألم ليلة زفافها والتي من المفترض أن تكون ليلة سعادتها.
- ما معنى كلمة الولي في اللغة؟
۞ الولي: هو القريب الذي يرعاك أو المحب الذي ينصرك، الولي يجب أن يكون أقرب الناس إليك، والدك، وفي حالة عدم وجود والدك يكون عمك، وفي حالة عدم وجود عمك يكون جدك، إذا لم يكن لديك أي منهم فيُعين لك القاضي ولياً إجبارياً. أحيانا تسمع بعض الناس تقول "فلان ولي نعمتي" أي نعمه علىَّ كتيرة، أعطاني كثيراً فصار قريب متولي الإنعام علىَّ.
۞ المعنى الآخر للولي: المُحب الذي ينصرك على أعدائك، الولي هو أول من تفزع إليه وتقرع بابه حين تصيبك المصيبة لينصرك على أعدائك فيفتح لك ويأويك، كما في الآية " أَلمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى" (الضحى:6).
أقرب مثل يثبت عندك هذان المعنيان لاسم الله الولي هو سيدنا يوسف، تولى الله أمر سيدنا يوسف، فأحوج القافلة للماء في الصحراء ليذهبوا إلى البئر، ثم أحوج عزيز مصر للأولاد ليتبنى سيدنا يوسف، ثم أحوج الملك للرؤيا وتفسيرها ليخرجه من السجن، ثم أحوج مصر بأكملها للطعام ليكون عزيز مصر، كل هذا من أجل عبده الذي تولى أمره، انظر إلى آخر سورة يوسف " رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ" (يوسف:101)، أتمم ولايتك علىَّ في القبر وتوفني مسلماً وأدخلني الجنة كما توليت أمري طوال حياتي.
النقطة الثانية: كيف يرغبك الله سبحانه وتعالى أن يكون وليك؟
هناك فرق كبير أن تذهب للقوي وتقول له تولى أمري وبين أن يعرض عليك القوي أن يتولى أمرك، هو يختار سبحانه وتعالى، لذلك فكرة الولاية ليست فكرة أسطورية كما يظن البعض، ويقول الشخص من المؤكد أني ليست وليا؛ لأن الأولياء ليسوا مثلنا، كأنهم كائنات أخرى من مكان أخر وهذا ليس صحيحاً، تقول الآية "... وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ " (آل عمران:68) دائماً يتكلم عن كل المؤمنين، " قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ ..."(الأنعام:14).
ماذا سيعطيك الله إذا تولى أمرك؟
1- يقول الله تعالى "أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ" (يونس:62)، ليس هناك خوف في الدنيا ولا حزن في الآخرة.
2- ينور لك حياتك " اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ..." (البقرة:257) وينور قبرك، وينور لك يوم القيامة والصراط.
3- النصر، أنت منصور إذا تولى الله أمرك، وينتقم ممن أذاك، يقول الله تبارك وتعالى "بَلْ اللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ" (آل عمران:150)، "إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا ..."(الحج:38)، "َمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ" (المائدة:56).
يجمع هذه النقاط الثلاثة حديث قدسي رائع "من عاد لي ولياً فقد أذنته بالحرب، وما تقرب إلىَّ عبدي بشيء أحب إلىَّ مما أفترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلىَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولإن سألني لأعطينه، ولإن أستعاذ بي لأعيذنه" من يعادي وليّ أعلنت عليه الحرب، كلمة أعلنت عليه الحرب لم تأت إلا في هذا الموضع وفي موضع أخر فقط مع من يتعامل بالربا "...فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ..." (البقرة:279)، إذا أحبك لا يسمعك شيء حرام ولا يستقر في قلبك، ولا ترى شيء حرام، وإذا رأيت تستفيد منه كعبرة وتصلح به في الأرض ولا يستقر في قلبك، وتكون يدك قوة من الله تصلح بها في الأرض، وتصير مستجاب الدعوة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره"، ويعيذه من من يستعيذ به كأن يقول يا رب نجني من فلان أو من كذا.
وأنا صغير كنت أصلي بمسجد قريب من المنزل، فكان الإمام يدعي كل يوم في صلاة الفجر ويلح بهذه الدعوه حتى يبكي "يا رب تول أمرنا" كنت صغير ولا أدرك قيمة الدعوة، وعندما كبرت في السن وجدت أن من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم "اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت"، بعد ذلك قرأت في سيرة النبي، ففي غزوة أحد جاء أبو سفيان أسفل الجبل والنبي والصحابة فوق الجبل، فقال "أفيكم محمد؟" فقال النبي "لا تجيبوه"، فقال "أفيكم أبو بكر؟" فقال النبي "لا تجيبوه"، فقال "أفيكم عمر؟" فقال النبي "لا تجيبوه"، فقال أبو سفيان "لنا العزة ولا عزة لكم"، فقال النبي "أفلا تجيبوه؟" قالوا "فبما نجيب يا رسول الله؟" قال "قولوا الله مولانا ولا مولى لكم" فبدأ الجيش كله يقول الله مولانا ولا مولى لكم، فقال أبو سفيان "أشهد أن الثلاثة أحياء" طالما يشعر الجيش بهذا الشعور، أدرك أبو سفيان هذا برؤيته وبذكائه.
- انظر إلى إبراهيم، بالأمس يُلقى في النار، " قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلاَمًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ" (الأنبياء:69)، بعد قليل يصير نموذج للأمة ويبني البيت، "إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا..."(البقرة:124) الولي لا يترك أولياءه أبدا.
- انظر إلى إسماعيل الذبيح، بالأمس يضجع مستسلماً للذبح وتوضع السكين على رأسه، ثم بعد قليل يصير هو نموذج يفدى إلى يوم القيامة.
- انظر إلى يعقوب، بالأمس يفقد يوسف ويفقد عينيه، ثم بعد قليل يعود إليه بصره، ويعود معه الحبيب يوسف، انظر إلى حياة يوسف بأكملها وماذا فعل معه الولي حتى صار عزيز مصر.
- انظر إلى موسى عليه السلام، بالأمس يُطرد من مصر ويخرج منها خائفاً يترقب، ثم بعد قليل ينتصر ويعود إليها ويصبح كليم الله ويبلغ منزلة التكليم.
- انظر إلى عيسى وأمه، بالأمس القديم تتهم في حملها فيه وهي العذراء، ثم بعد ذلك يصبح نموذج للبشرية إلى يوم القيامة.
- انظر إلى محمد صلى الله عليه وسلم، بالأمس يقال عنه اليتيم ويخرج من مكة، ثم يعود إليها فاتحاً ويقول "اذهبوا فأنتم التلقاء"، النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من كان الولي وليه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم "إن وليّ الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين"، سأضرب لك مثلاً بسيطاً لتعلم علامات ولاية الله للنبي، يد النبي.. يمسك الحصى فيسبح الحصى في يده حتى يسمع الصحابة تسبيحه، يشير بإصبع من يده إلى القمر فينشق القمر كآية على نبوته "اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ"(القمر:1)، يمسك حصيات من التراب ويلقيها في غزوة بدر على وجوه الكفار وبينه وبينهم مسافات طويلة فما منهم من أحد إلا وتدخل ذرات التراب في عينه، في يوم غزوة من الغزوات والصحابة عطشى، فيتفجر من بين أصابعه ينبوع من الماء حتى يسقوا جميعا، يأتي له خالد بن الوليد وعلي بن أبي طالب والجراح تملأهم، وسيدنا علي يعاني من الرمد فيمسح النبي بيده على عين علي، يقول علي "فبرأت فوالله لا أدري أيهما كانت المصابة"، كل هذا وهي نفس اليد، هذه يد النبي، فما بالك بحياة النبي؟، ولكن بماذا كل هذا؟ بالله سبحانه وتعالى، " وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى..." (الأنفال:17).
انظر إلى ما يفعله مع أولياؤه، ولكن لماذا تعرضوا لكل هذا الأذى؟ تزيد عليك المصائب من أعدائك لتعلم الأرض كلها من ولي أمرك، فرعون لم يعرف ولي أمر موسى إلا وهو يغرق، "قال أمنت أنه لا إله إلا الذي أمنت به بنو إسرائيل".
2-من الصحابة والتابعين:
- انظر إلى شخص مثل سيدنا العلاء الحضرمي الذي أرسله النبي في غزوة من الغزوات وأمره أن يذهب لمكان محدد هو وأصحابه، ويشتد عليهم العطش، ويتيهوا في الصحراء، والسماء خالية من السحب، وبينما هم كذلك رفع العلاء يديه وقال "اللهم إني أقسم عليك أن تسقينا، اللهم يا علي يا عظيم يا ولي المؤمنين أغثنا وأسقينا"، يقسم أصحابه يقولون "فوالله رأينا السحب تتجمع في السماء حتى شربنا وسقينا، فعدنا إلى أصحابنا نقول لهم إن لم تصدقونا كيف عدنا إليكم؟"، رجوعنا دليل كاف على ما حدث.
- انظر إلى سيدنا عاصم بن ثابت، أرسله النبي ليعلمهم، فغدروا به وأرادوا أن يقتلوه، فقال "اللهم إني أقسم عليك أن لا يمسني كافر"، فرموه بالسهام فقتل، فذهبوا ليأخذو جسمانه من أجل أن يبيعوه لأهل مكة ويأخذوا ثمنه، فأرسل الله الدبابير تغطي جسمانه، كلما أقتربوا لدغتهم، فقالوا "إذن ننصرف إلى الليل فتنصرف الدبابير ثم نأخذها ونبيعه" فما إن جاء الليل حتى أرسل الله سيلا من الماء فأخذ الجثة وأختفت، فقالوا "أقسم على الله فأبر له الله بقسمه".
-انظر إلى سيدنا البراء بن مالك، في يوم معركة اليمامة مع مسيلمة الكذاب، المعركه أشتدت ووهن المسلمون، فقالوا "يا براء يقول عنك رسول الله مستجاب الدعوة، ادع يا براء"، فقال "اللهم إني أقسم عليك أن تنصرنا اليوم وأن تجعلني أول شهيد" فما هي إلا لحظات حتى مات شهيداً وكانوا هم أول المنتصرين في ذلك اليوم.
- انظر إلى سيدنا عمر بن الخطاب، يرسل جيشاص بقيادة سيدنا سارية ليقابل الروم، سيدنا ساريه خائف من مقابلة الروم ولا يعلم من أي طريق يقابلهم، أيحتمي بالجبل أم يلاقيهم من جهة أخرى؟ فإذا بعمر بن الخطاب وهو على المنبر يخطب في المدينة، يقول "يا سارية الجبل الجبل"، وعندما عاد سارية منتصراً بعد المعركة قالوا له "كيف انتصرت؟" قال "سمعت صوت عمر بن الخطاب يقول لي الجبل الجبل فلجأت إلى الجبل فأنتصرنا" هذه الرواية ثابتة.
-سيدنا عثمان بن عفان كان جالساً في وسط الصحابة فإذا برجل يدخل عليهم، فينظر إليه ويقول "يدخل علىّ أحدكم وأثر الزنا في عينيه" هذا الرجل قبل أن يأتي كان ينظر إلى سيدة في الطريق، فقال الرجل "ما هذا يا أمير المؤمنين، أوحي بعد رسول الله؟" فقال "لا، ولكن اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله".
-أبو موسى الأشعري يحكي أنه في يوم من الأيام كان يمشي في العراق فوجد حريق شديد أصاب كل الحدائق إلا حديقة في الوسط لم يصبها شيء، فقلت "من صاحب الحديقة؟ أتوني به" فجاء الرجل، فقال له" لماذا لم تصاب حديقتك؟" قال "لأني أقسمت على ربي أن لا يحرقها، فابتسم أبو موسى وقال كإن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره".
-النبي صلى الله عليه وسلم يقول لسيدنا عمر وسيدنا علي "يأتيكم من جهه اليمن رجل يسمى أويس القرني له أم هو بار بها إذا أستطعتم أن يدعوا لكم ويستغفر لكم فافعلوا" فكان عمر بن الخطاب وعلى بن أبي طالب ينتظرون موسم الحج ويسألون أهل اليمن "أفيكم أويس؟" حتى وجدوه فقالوا له "أدعوا لنا".
-كانت هناك إمرأة تسمى الربيع بنت النضر، أخوها أنس بن النضر كان مستجاب الدعوة، فالربيع ضربت جاريتها فكسرت سنة من أسنانها، فذهبوا للجارية وطلبوا منها أن تأخذ الدية أو أن تعفو عنها ولكنها رفضت، فالحكم هو أن السن بالسن، تقطع سن الربيع، فقال أنس " يا رسول الله أتكسر سنة الربيع بنت النضر؟ اللهم إني أقسم عليك أن لا تكسر سنة الربيع بنت النضر" فإذا بالجارية قادمة هي وأهلها يقولون "قد عفونا".
النقطة الرابعة: ما هو مفهوم الكرامة؟
كثير من الناس يظنوا أن الحل الوحيد ليقال على فلان أنه ولي أن يكون له كرامات خارقة غير عادية، فأريد أن أوضح بعض النقاط:
1-الكرامة ثابتة، وكل هذه القصص تدل على ذلك، لكن الكرامة لها شرط هام ودقيق جداً، أن تكون حياة الشخص الذي تحدث له الكرامة موافقة للكتاب والسنة، أي يُنظر إلى عبادته، وأخلاقه، ومدى التزامه وانضباطه على الكتاب والسنة، هذا هو المقياس لأن من الممكن أن تجد دجالاً يفعل أشياء خارقة فتظنه من الأولياء، هذا الكلام هام جداً خاصةً للسيدات الاتي يذهبن إلى الدجالين ليفعل لها كذا وكذا وتنبهر بكلامه، الإمام الشافعي يقول "إذا رأيتم الرجل يطير في الهواء أو يمشي على الماء فلا تصدقوه حتى تعرضوه على الكتاب والسنة".
جاء رجل إلى أحد العلماء فقال له: "أن فلان يمشي على الماء" فقال له العالم: "الحوت أفضل منه". فقال له: "فلان يطير في الهواء". فقال: "الطير أفضل منه". قال له: "فلن يذهب إلى الكعبة ويرجع في لحظة". قال له: "إبليس يطوف العالم في لحظة". هذا لا يعني أني انكر الكرامة ولكنها مشروطة بهذا الشرط، العرض على الكتاب والسنة.
2- هناك فرق بين المعجزة والكرامة، المعجزة للأنبياء كبرهان ودليل على صدقهم أمام قومهم، لذا يجب أن تظهر ليراها الناس، أما الكرامة للأوياء والصالحين حب من الله تبارك وتعالى، فليس من الضروري أن تظهر، أحياناً لا يظهرها الله حتى لا يظل الإنسان معجبا بنفسه. من الممكن أن تكون ولي وأنت لا تعلم.
النقطة الخامسة: كيف أعرض نفسي على الله؟
1- "أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ" (يونس:63)، أنت مؤمن بالله وبملائكته وكتبه ورسله، يبقى أن تكون من المتقون، هناك تعريفات كثيرة للتقوى ولكن أسهل وأجمل تعريف هو "أن يجدك حيث أمرك ولا يجدك حيث نهاك" فقد أمرك ببر الوالدين، يجدك تقبل أيديهم، نهاك عن أكل الحرام لا يجد في جيبك تعريفة حرام، ولكن هذا الأمر ليس سهلا، فانظر إلى هذا الحديث "فاتقوا الله ما استطعتم" أن يغلب على يومك التقوى، فإذا شعرت أنه قد غلب على يومك المعاصي حاول أن تعوضها بفعل طاعات فيغلب على يومك التقوى فتكون في طريق المتقين، ورمضان فرصة، انظر إلى آخر آيات الصيام " لعلكم تتقون" الصيام يساعدك لتكون تقي، نحن الآن لا نتحدث عن عموم الناس، ولكن من سيختارهم الله وهو أعلم بالمتقين؟ اعرض نفسك على قدر تقواك.
2- المحافظة على الفرائض من صلاة، زكاة، صيام "من عاد لي وليا فقد أذنته بالحرب، وما تقرب إلىَّ عبدي بشيء أحب إلي من ما أفترضته عليه"، هناك من يهتم بالنوافل ويترك الفرائض، ابدأ بالفرائض.
3- الإكثار من النوافل "ولا يزال عبدي يتقرب إلىَّ بالنوافل حتى أحبه".
4- تولى أمور الناس ليتولاك الله، تولى أرملة، تولى فقير، تولى أمر يتيم وقول لله أنا ولي أمره لتكون أنت ولي أمري، الولي هو العابد المصلح في الأرض وليس الإنعزال عن الأرض والإكثار من العبادة فقط، يا من تتولوا أمور الناس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم "ما من رجل يلي أمر من أمور المسلمين ثم لم يجهد لهم ويتعب إلا لم يكن معهم في الجنة" إذا توليت أمراً من أمور الناس ولم تجتهد من أجلهم لا تكن معهم في الجنة. "كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته".
هناك معنى أخر لتولي أمور الناس، حذار أن يولك الله على شيء وتختار وتعين من لا يصلح أو من هناك أفضل منه كما يحدث الآن في شركات ومصالح، انظر إلى هذا الحديث "من تولى أمراً من أمور المسلمين فولى وفي المسلمين من هو أصلح منه فقد خان الله ورسوله"، انظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم عندما ذهب له سيدنا أبو ذر يقول له "يا رسول الله ألا تستعملني؟" ألن توليني ولاية من الولايات؟ فقال له النبي " يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها".
سيدنا عمر بن الخطاب قبل أن يكون أمير المؤمنين وهو خارج من صلاة الفجر كل يوم جمعة كان يجد سيدنا أبو بكر الخليفه يجري إلى بيت في أطراف المدينة، ويدخل ثم يخرج وقد إمتلأ بالعفرة والتراب، فتتبعه سيدنا عمر في يوم حتى خرج، فطرق الباب فإذا بسيدة عجوز عمياء تفتح له ومعها ثلاثة أطفال وشاه، فقال لها عمر: "من هذا الذي يأتيكم؟". فقالت: "والله لا أدري، هذا رجل يأتينا كل جمعة بعد الفجر يكنس البيت ويحلب الشاة ويغسل الثياب ويطبخ الطعام، يفعل ذلك كل يوم". فبكى عمر وقال: "أتعبت من بعدك يا أبا بكر".
تدور الأيام ويصبح سيدنا عمرالخليفة، فبينما هو يمشي في الليل ومعه سيدنا عبد الرحمن بن عوف، فوجد قافلة على أطراف المدينة، فقال لعبد الرحمن "يا عبد الرحمن ما رأيك أن نجلس الليلة نحرس هذه القافلة لوجه الله لعل الله يرضى عنا". فأثناء حراستهم للقافلة سمع بكاء طفل، فقال لأمه "لماذا يبكي الصبي؟ اطعميه وساعديه على النوم" فبكى الصبي بعدها فقال لها "لماذا يبكي الصبي؟ اطعميه وساعديه على النوم" فبكى مرة أخرى فغضب سيدنا عمر وهي لا تعلم أنه عمر، فقالت "ويحك دعني، إن عمر بن الخطاب قال لا عطاء للأمهات إلا بعد الفطام". الدولة في عهد عمر كانت تصرف للأطفال مبالغ من المال شهرياً بعد الفطام، فهذه المرأة تريد أن تفطمه قبل الميعاد لتأخذ المال، فقال "ويلك يا عمر، كم قتلت من أبناء المسلمين من أجل تأخير العطاء؟ يا عبد الرحمن أخرج الآن ليخرج المنادي في شوارع المدينة أول ما يولد الطفل يوضع له العطاء، ثم خرج لصلاة الفجر يصلي فما استطاع أن يكمل الصلاة من البكاء، فلما أنهى الصلاة سمعوه يقول "يا رب تبت إليك، فهل قبلت توبتي فأهنىء نفسي أم لم تقبلها فأعزي نفسي".
يقول سيدنا عمر" لو تعثرت بغلة في العراق لرأيتني مسؤلاً عنها يوم القيامة، يا عمر لماذا لم تسو لها الطريق؟.. بغلة!! فما بالك بالإنسان؟
النقطة السادسة: كيف نحيا باسم الله الولي؟
ما رأيك في أن نعيش بهذا الأسم؟ نبدأ في العشر الأواخر، من يعرض نفسه على الولي؟ ترى من سيختاره الله؟ لنتنافس في هذا الأمر ونفعل ما بوسعنا لنعرض أنفسنا أملين أن يختارنا الله سبحانه وتعالى.